كنت أبحث عن بعض لغات البرمجة باللغة العربية فوجدت ضمنهما لغة ج التي أعجبني طريقة تصميمها إلى حد ما. فاضطلعت علىيها من خلال موقعها التابع لمصمم هذه اللغة البرمجية الدكتور محمد عمار السلكة. قمت بتحميل كتاب اللغة وبرنامج الخوارزمي المترجم الأساسي للغة ج. بعد فحص دقيق للكتاب تبين لي أنه بالرغم من أن هذه اللغة جميلة ومقبولة إلا أن طريقة عرض الكتاب تبدوا صعبة شيئا ما على المبتدئين. طريقة العرض بالنسبة لي كان ينقصها ثلاث أمور أساسية: جودة الصور، سهولة المفردات وتناسق الألوان وهيكلة المنهاج بشكل عام.

لذلك عكفت على هذا الكتاب لبضعة أيام فأعدت نمنمته وتهذيبه ومن ثم استخرجت منه 16 درسا أحببت أن تنشر على شكل سلسلة مقالات حتى يتسنى للراغبين في تعلمها بسهولة. أضفت أيضا بعض التمارين في معظم الفقرات من أجل التدرب عليها بشكل أفضل. وبخصوص المفردات فإني قد راعيت المصطلحات المستعملة في أغلب الأقطار العربية والموافقة لمصطلحات موقع إصنعها.

ولا أنسب هذا العمل لي، بل كل ما فعلته هو إعادة هيكلة منهاج اللغة لتسهيله بالنسبة للمبرمجين. وفيما يلي تجدون قصة تطوير هذه اللغة بلسان صاحبها.

طلب مني أحد الأصدقاء ذات يوم أن أبدي رأيي في منهاج كان قد أعده لتدريس علوم الحاسوب للأطفال وطلاب المدارس في إحدى المعاهد. وكان من جملة أهداف هذا المنهاج تعليم طلاب المراحل الدراسية المبكرة برمجة الحاسوب من خلال لغات برمجة بسيطة مثل LOGO و BASIC. وقد لفت نظري أن هذه اللغات على بساطتها لا تناسب الطلاب العرب الصغار لاعتمادها على اللغة الإنجليزية. وكما هو معروف، تعتمد غالبية لغات البرمجة رفيعة المستوى أو ما يسمى High Level Languages باللغة الإنجليزية، وتستخدم الأحرف اللاتينية قلباً وقالباً، مما يجعلها بعيدة المنال عن الطلاب العرب، خاصة أولئك الذين مازالوا في المراحل التعليمية المبكرة، ولم يتقنوا اللغات الأجنبية اتقاناً كافياً. فتولد عندي دافع قوي للعمل على تطوير لغة برمجة عربية تكون سهلة وميسرة، ولا تقل مع ذلك في قدراتها عن لغات البرمجة رفيعة المستوى المعروفة مثل  C و PASCAL. لتكون وسيلة مناسبة لتعليم الطلاب العرب مبادئ البرمجة بلغتهم الأم. وأن تكون هذه اللغة من روح مناهجهم، ومن صميم المفردات التي ألفوها في حياتهم الدراسية. 

وتشكلت لدي قناعة بأن إدخال الحاسوب إلى المناهج التعليمية في العالم العربي يجب أن ينطلق من تعليم الطلاب برمجة الحاسوب بواسطة لغة برمجة تمكنهم من السيطرة على مفاهيم البرمجة الأساسية بلغتهم الأم، وتتوافق وتنسجم مع مناهجهم الأخرى في الرياضيات والعلوم واللغة العربية.

وشرعت في العمل على تطوير هذه اللغة، وتوصلت إلى لغة برمجة عالية المستوى مشتقة من اللغة العربية، تكتب بحروفهاوأرقامها، وتستخدم مفرداتها، وتلتزم بقواعدها. وتتمتع بالبساطة والوضوح. ويمكن بواسطتها برمجة كل ما يحتاجه الطالب من برامج وخوارزميات تفيده في دراسته. وقد رأيت أن أطلق على هذه اللغة اسم ج لشبهها في جوانب عديدة بلغة البرمجة المعروفة C. كما قمت بتطوير برنامج يتيح كتابة، وتنقيح، وتنفيذ البرامج بلغة ج، وأطلقت على هذا البرنامج اسم الخوارزمي تقديراً للعالم الشهير محمد بن موسى الخوارزمي.

وقد شاءت الأقدار أن أنشغل عن اتمام اللمسات الأخيرة لهذا البرنامج فترة من الزمن، وأن يبقى هو ولغة ج حبيساً في أحد الدروج، إلى أن قلت أعبائي مؤخراً وأكملت ما بدءته منذ أكثر من 7 سنوات.

وإني إذ أضع هذا العمل المتواضع بين أيدي الطلاب والمدرسين العرب في كل مكان لأرجو أًن تتحقق منه الفائدة والمتعة، وأن يكون وسيلة لتعليم برمجة الحاسوب في المدارس والمعاهد بدلاً من لغات البرمجة الأجنبية.

والله من وراء القصد.

الدكتور محمد عمار السلكا

دمشق 1427 هجري الموافق 2006م